ﺗﻌﺮﻓﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻭﻝ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻷﻧﺲ
~(( ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ))~
ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ (ﺳﻮﻣﻴﺎ) ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺠﻦ ﻗﺒﻞ ﺧﻠﻖ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺄﻟﻔﻲ ﻋﺎﻡ .. ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟـ(ﺳﻮﻣﻴﺎ): ﺗﻤﻦ .. ﻓﻘﺎﻝ (ﺳﻮﻣﻴﺎ): ﺃﺗﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﻭﻻ ﻧُﺮﻯ، ﻭﺃﻥ ﻧﻐﻴﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺮﻯ، ﻭﺃﻥ ﻳﺼﻴﺮ ﻛﻬﻠﻨﺎ ﺷﺎﺑﺎً .. ﻭﻟﺒﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟـ(ﺳﻮﻣﻴﺎ) ﺃﻣﻨﻴﺘﻪ، ﻭﺃﺳﻜﻨﻪ ﺍﻷﺭﺽ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ .. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ. (ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﻗﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ).
ﻟﻜﻦ ﺃﺗﺖ ﺃﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ، ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻟﻠﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻌﻢ، ﻓﺴﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺴﻔﻜﻬﻢ ﻟﻠﺪﻣﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ .. ﻭﺃﻣﺮ ﺍﻟﺮﺏ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﻐﺰﻭ ﺍﻷﺭﺽ ﻻﺟﺘﺜﺎﺙ ﺍﻟﺸﺮّ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻤﻬﺎ ﻭﻋﻘﺎﺏ ﺑﻨﻲ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﺴﺎﺩﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻭﻏﺰﺕ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻗﺘﻠﺖ ﻣﻦ ﻗﺘﻠﺖ ﻭﺷﺮﺩﺕ ﻣﻦ ﺷﺮﺩﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ .. ﻭﻓﺮّ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻧﻔﺮ ﻗﻠﻴﻞ، ﺍﺧﺘﺒﺌﻮﺍ ﺑﺎﻟﺠﺰﺭ ﻭﺃﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ .. ﻭﺃﺳﺮ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺣﻴﻨﺬﺍﻙ ﺻﻐﻴﺮﺍً، ﻭﺃﺧﺬﻭﻩ ﻣﻌﻬﻢ ﻟﻠﺴﻤﺎﺀ. (ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ).
ﻛﺒﺮ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻭﺍﻗﺘﺪﻯ ﺑﻬﻢ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻠﺨﺎﻟﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ .. ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﺮﺏ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺑﺘﻮﻟﻴﺘﻪ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.
ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﺮﺏ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺒﺸﺮ (ﺁﺩﻡ) ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ .. ﻭﺃﻣﺮ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮﺩ ﻟـ(ﺁﺩﻡ)، ﻭﺳﺠﺪﻭﺍ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻃﺎﻋﺔً ﻷﻣﺮ ﺍﻟﺮﺏ، ﻟﻜﻦ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺃﺑﻰ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ .. ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﺄﻟﻪ ﺍﻟﺮﺏ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺍﻣﺘﻨﺎﻋﻪ ﻗﺎﻝ: ((ﺃﻧﺎ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻪ، ﺧﻠﻘﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﻭﺧﻠﻘﺘﻪ ﻣﻦ ﻃﻴﻦ)).
ﻭﻃﺮﺩ ﺍﻟﺮﺏ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺘﻪ، ﻋﻘﺎﺑﺎً ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺼﻴﺎﻧﻪ ﻭﺗﻜﺒﺮﻩ .. ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﺃﻯ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻣﺎ ﺁﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺏ ﺃﻥ ﻳﻤﺪ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺒﻌﺚ، ﻭﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﺮﺏ ﻃﻠﺒﻪ .. ﺛﻢ ﺃﺧﺬ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻳﺘﻮﻋﺪ (ﺁﺩﻡ) ﻭﺫﺭﻳﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺳﺒﺐ ﻃﺮﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺇﺫ ﻗﺎﻝ ﺭﺑُﻚ ﻟﻠﻤﻼﺋﻜﺔ ﺇﻧﻲ ﺧﺎﻟﻖ ﺑﺸﺮﺍً ﻣﻦ ﻃﻴﻦ . ﻓﺈﺫﺍ ﺳﻮﻳﺘﻪُ ﻭﻧﻔﺨﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺭﻭﺣﻲ ﻓﻘﻌﻮﺍ ﻟﻪ ﺳﺎﺟﺪﻳﻦ . ﻓﺴﺠﺪ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻛﻠﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻮﻥ . ﺇﻻ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺍﺳﺘﻜﺒﺮ ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ . ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻣﺎ ﻣﻨﻌﻚ ﺃﻥ ﺗﺴﺠﺪ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻘﺖ ﺑﻴﺪﻱ ﺃﺳﺘﻜﺒﺮﺕ ﺃﻡ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﻦ . ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺎ ﺧﻴﺮٌ ﻣﻨﻪ ﺧﻠﻘﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﻧﺎﺭٍ ﻭﺧﻠﻘﺘﻪ ﻣﻦ ﻃﻴﻦ . ﻗﺎﻝ ﻓﺎﺧﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺈﻧﻚ ﺭﺟﻴﻢ . ﻭﺇﻥ ﻋﻠﻴﻚ ﻟﻌﻨﺘﻲ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ . ﻗﺎﻝ ﺭﺏ ﻓﺄﻧﻈﺮﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﻳﺒﻌﺜﻮﻥ . ﻗﺎﻝ ﻓﺈﻧﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮﻳﻦ . ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ . ﻗﺎﻝ ﻓﺒﻌﺰﺗﻚ ﻷﻏﻮﻳﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ . ﺇﻻ ﻋﺒﺎﺩﻙ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ . ﻗﺎﻝ ﻓﺎﻟﺤﻖُّ ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺃﻗﻮﻝ . ﻷﻣﻸﻥ ﺟﻬﻨﻢ ﻣﻨﻚ ﻭﻣﻤﻦ ﺗﺒﻌﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ} ﺁﻳﺎﺕ 71 ـ 85 ﺳﻮﺭﺓ ﺹ.
ﻭﺃﺳﻜﻦ ﺍﻟﺮﺏ (ﺁﺩﻡ) ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺧﻠﻖ ﻟﻪ ﺃﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮ (ﺣﻮﺍﺀ) ﻟﺘﺆﻧﺴﻪ ﻓﻲ ﻭﺣﺪﺗﻪ، ﻭﺃﻋﻄﺎﻫﻤﺎ ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﺇﻻ ﺷﺠﺮﺓ ﻧﻬﺎﻫﻤﺎ ﻋﻦ ﺍﻷﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ .. ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺃﺳﻜﻦ ﺃﻧﺖ ﻭﺯﻭﺟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻛﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﺭﻏﺪﺍً ﺣﻴﺚ ﺷﺌﺘﻤﺎ ﻭﻻ ﺗﻘﺮﺑﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻓﺘﻜﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ} ﺁﻳﺔ 35 ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺑﻘﻴﺖ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻣﻮﻗﺪﺓ، ﺗﺒﻐﻲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ (ﺁﺩﻡ) ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻃﺮﺩﻩ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﺮﺏ .. ﻭﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻛﺒﺮﻩ ﻭﺣﺴﺪﻩ ﻟـ(ﺁﺩﻡ) ﻫﻤﺎ ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﺃﺿﺎﻋﺎ ﻣﻨﻪ ﻣﻨﺰﻟﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻮﺃﻫﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻭﺿﻴﺎﻉ ﺍﻷﻫﻢ ﻃﺮﺩﻩ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺭﺑﻪ.
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻣﺤﺮﻭﺳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳُﺤﺮﻣﻮﻥ ﻋﻠﻰ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺩﺧﻮﻟﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺍﻟﺮﺏ ﺑﺬﻟﻚ .. ﻭﻛﺎﻥ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻳُﻤﻨﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ (ﺁﺩﻡ) ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻐﺎﺩﺭﻫﺎ.
ﻓﺎﻫﺘﺪﻯ ﻟﺤﻴﻠﺔ .. ﻭﻫﻲ ﺃﻧﻪ ﺷﺎﻫﺪ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟﻬﺎ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻨﻬﺎ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﺍﺱ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ .. ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﻟﻠﺠﻨﺔ، ﺑﺄﻥ ﻳﺨﺘﺒﺊ ﺩﺍﺧﻞ ﺟﻮﻓﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﺍﺱ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ .. ﻭﻭﺍﻓﻘﺖ ﺍﻟﺤﻴﺔ، ﻭﺍﺧﺘﺒﺊ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﻣﻦ ﺣﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗُﻜﺘﺸﻒ ﺍﻟﺤﻴﻠﺔ .. ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ. (ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ).
ﻭﻃﻠﺐ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻤﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﺎ ﻟﻪ، ﻭﻭﺍﻓﻘﺖ .. ﻭﻋﻠﻢ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺑﺄﻣﺮِ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﺮﺏ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﻣﻦ ﺍﻷﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻭﺟﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﺧﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺘﺴﻨﻰ ﻟﻪ ﻣﻨﻪ ﺇﻏﻮﺍﺀ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺮﺟﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﺮﺏ ﻭﺧﺮﻭﺟﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻛﺤﺎﻟﻪ.
ﻭﻭﺟﺪ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻭﺍﻟﺤﻴﺔ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻓﺄﻏﻮﻯ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) (ﺁﺩﻡ)، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻏﻮﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ (ﺣﻮﺍﺀ) ﺣﺘﻰ ﺃﻛﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻭﻫﻤﺎﻫﻤﺎ ﺑﺄﻧﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺻﺤﻴﻦ، ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻳُﺼﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣُﻠﻚ ﻻ ﻳُﺒﻠﻰ.
ﻭﻏﻀﺐ ﺍﻟﺮﺏ ﻋﻠﻰ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﻷﻛﻠﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ .. ﻭﺫﻛﺮﻫﻤﺎ ﺑﺘﺤﺬﻳﺮﻩ ﻟﻬﻤﺎ: {ﺃﻟﻢ ﺃﻧﻬﻜﻤﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻜﻤﺎ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﻭﺃﻗﻞ ﻟﻜﻤﺎ ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻟﻜﻤﺎ ﻋﺪﻭٌ ﻣﺒﻴﻦ} ﺁﻳﺔ 22 ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ.
ﻟﻢ ﻳﺠﺪﺍ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﺃﻱ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﻟﻔﻌﻠﺘﻬﻤﺎ ﺳﻮﻯ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ: {ﺭﺑﻨﺎ ﻇﻠﻤﻨﺎ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻐﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻭﺗﺮﺣﻤﻨﺎ ﻟﻨﻜﻮﻧﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺳﺮﻳﻦ} ﺁﻳﺔ 23 ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ.
> ﻭﺣﻜﻢ ﺍﻟﺮﺏ ﻋﻠﻰ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﻭ(ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻭﺍﻟﺤﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ: {ﺍﻫﺒﻄﻮﺍ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻟﺒﻌﺾ ﻋﺪﻭ ﻭﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﺴﺘﻘﺮ ﻭﻣﺘﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﻦ} ﺁﻳﺔ 36 ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ.
ﻭﻫﺒﻂ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﻛﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ .. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻫﺒﻂ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻓﻲ 'ﺩﺳﺘﻤﻴﺴﺎﻥ' ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ .. ﻭﻫﺒﻄﺖ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺻﺒﻬﺎﻥ. (ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻻﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ).
ﻭﺗﺎﺏ ﺍﻟﺮﺏ ﻋﻠﻰ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ)، ﻭﻭﻋﺪﻫﻤﺎ ﺑﺎﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﺇﻥ ﺍﺗﺒﻌﺎ ﻫﺪﺍﻩ، ﻭﺑﺎﻟﻨﺎﺭ ﺇﻥ ﺿﻼ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ: {ﻓﻤﻦ ﺗﺒﻊ ﻫﺪﺍﻱ ﻓﻼ ﺧﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻫﻢ ﻳﺤﺰﻧﻮﻥ . ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﻭﻛﺬﺑﻮﺍ ﺑﺂﻳﺎﺗﻨﺎ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﺎﻟﺪﻭﻥ}.
((ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻧﺲ ﻭﺍﻟﺠﻦ .. ﻭﺇﺑﻠﻴﺲ ﻳﺒﻨﻲ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ))
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﺻﺤﺮﺍﺀ ﻣﻘﻔﺮﺓ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺏ ﺃﻋﻄﻰ (ﺁﺩﻡ) ﻣﻦ ﺛﻤﺎﺭ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻴﺰﺭﻋﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﻠﻤﻪ ﺻﻨﻌﺔ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ .. ﻭﺯﺭﻉ (ﺁﺩﻡ) ﺛﻤﺎﺭ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺃﻧﺠﺐ ﻣﻦ (ﺣﻮﺍﺀ) ﺍﻷﻭﻻﺩ، ﻭﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺭﺑﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﻭﺍﺟﺘﻨﺎﺏ ﻣﺎ ﻧﻬﻰ ﻋﻨﻪ.
ﻭﻟﻢ ﻳُﺨﻤﺪ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻧﺎﺭ ﻋﺪﺍﻭﺗﻪ ﻟـ(ﺁﺩﻡ) ﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﻄﺮﺩ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ .. ﻓﻜﺎﻥ ﻳُﻤﻨﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻥ ﻳُﺤﺮﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻸﺑﺪ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻛﺤﺎﻟﻪ .. ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ؟ ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﻋﺪﺍﻭﺗﻪ ﻗﺪ ﺍﻧﻜﺸﻔﺖ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪِ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ (ﺁﺩﻡ) ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﺮﺏ ﻗﺎﺋﻢ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺑﺎﻷﺻﻞِ ﺿﻌﻴﻒ ﻛﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ: {ﺇﻥ ﻛﻴﺪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﺿﻌﻴﻔﺎً} ﺁﻳﺔ 76 ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ، ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﻟﻪ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﺎﻟﻴﻦ: {ﻓﺒﻌﺰﺗﻚ ﻷﻏﻮﻳﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ . ﺇﻻ ﻋﺒﺎﺩﻙ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ}.
ﻟﺬﺍ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺳﻼﺣﻪ 'ﺍﻟﻮﺳﻮﺳﺔ'، ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻨﻬﻢ (ﻗﺎﺑﻴﻞ) ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳُﻤﻨﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﻦ ﺗﻮﺃﻣﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﺮﺏ ﺃﻥ ﻳﺘﺰﻭﺟﻬﺎ ﺃﺧﻴﻪ (ﻫﺎﺑﻴﻞ) .. ﻓﻮﺳﻮﺱ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺑـ(ﻗﺎﺑﻴﻞ) ﻗﺘﻞ ﺃﺧﻴﻪ (ﻫﺎﺑﻴﻞ) ﻓﺤﺪﺙ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘﻞ ......... ﻭﺍﻟﻘﺼﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ.
ﻭﻭﺟﺪ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺫﺭﻳﺔ (ﺁﺩﻡ) ﻫﺪﻓﻪ .. ﻓﺘﺠﻨﺐ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﻹﻳﻤﺎﻧﻬﻤﺎ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻭﺗﻮﺑﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، ﻭﻭﺿﻊ ﺟﻞَّ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ﻓﻲ ﺫﺭﻳﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺁﻫﺎ ﺃﺿﻌﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻫﻮﺍﺀ .. ﻓﺒﺪﺃ ﺷﺮّﻩ ﻳﻈﻬﺮ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﻭﺑﻼ ﺣﺪﻭﺩ.
ﻣﺎﺗﺎ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ)، ﻭﻇﻦ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺃﻥ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀً ﻟﻬﺮﻭﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ، ﻭﺃﻥ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻋﻠﻨﺎً ﻟﻠﺒﺸﺮ ﻭﺷﻦّ ﺣﺮﺑﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻷﻧﻬﻢ ﺿﻌﻔﺎﺀ ﻻ ﻳﻘﺪﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ .. ﻓﻈﻬﺮ ﻟﻠﻌﻠﻦ ﻭﻣﻌﻪ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻟﻤﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﻐﻴﻼﻥ ﻟﻴﺒﺴﻂ ﻧﻔﻮﺫﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ.
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺏ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﻨﺼﺮ ﺑﻨﻲ ﺍﻹﻧﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻹﺑﻠﻴﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﺴﻪ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻟﻤﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﻐﻴﻼﻥ، ﺣﻴﻦ ﻧﺼﺮﻫﻢ ﺑﺮﺟﻞٍ ﻋﻈﻴﻢ ﺍﺳﻤﻪ (ﻣﻬﻼﻳﻴﻞ) ﻭﻧﺴﺒﻪ ﻫﻮ: 'ﻣﻬﻼﻳﻴﻞ ﺑﻦ ﻗﻴﻨﻦ ﺑﻦ ﺍﻧﻮﺵ ﺑﻦ ﺷﻴﺚ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ' .. ﻭﻳﺮﻭﻯ ﺃﻧﻪ ﻣﻠﻚ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻭﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ.
ﻗﺎﻡ (ﻣﻬﻼﻳﻴﻞ) ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﺪﻳﻨﺘﻴﻦ ﻣﺤﺼﻨﺘﻴﻦ ﻫﻤﺎ: ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﺑﻞ ﻭﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺴﻮﺱ ﺍﻷﻗﺼﻰ، ﻟﻴﺤﺘﻤﻲ ﺑﻬﺎ ﺍﻹﻧﺲ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺧﻄﺮٍ ﻳﻬﺪﺩﻫﻢ .. ﺛﻢ ﺃﺳﺲ ﺟﻴﺸﻪ ﺍﻹﻧﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﻝ ﺟﻴﺶ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺲ ﻟﻠﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺑﺎﺑﻞ ﻭﺍﻟﺴﻮﺱ ﺍﻷﻗﺼﻰ، ﻭﻗﺎﻣﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔٌ ﺭﻫﻴﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺟﻴﺶ (ﻣﻬﻼﻳﻴﻞ) ﻭﺟﻴﺶ (ﺇﺑﻠﻴﺲ)، ﻭﻛﺘﺐ ﺍﻟﺮﺏ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺑﻬﺎ ﻟﻺﻧﺲ، ﺣﻴﺚ ﻗُﺘﻞ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﻐﻴﻼﻥ ﻭﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﻥ، ﻭﻓﺮّ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ. (ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻻﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ).
ﺑﻌﺪ ﻫﺰﻳﻤﺔ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻭﻓﺮﺍﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ (ﻣﻬﻼﻳﻴﻞ) .. ﻇﻞ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺄﻭﻯ ﻳﺤﻤﻴﻪ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﺍﻟﺨﺎﺳﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺿﺪ (ﻣﻬﻼﻳﻴﻞ) .. ﻭﺍﺧﺘﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺄﻭﻯ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻹﻧﺲ، ﻳﺒﻨﻲ ﺑﻪ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﻭﺗﻠﻢ ﺷﻤﻞ ﻗﻮﻣﻪ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﻏﺰﻭ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺁﻧﺬﺍﻙ .. ﻓﺄﻱ ﻣﺄﻭﻯ ﺍﺧﺘﺎﺭ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ؟
ﻃﺎﻑ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺣﻠﻤﻪ .. ﻭﻭﻗﻊ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ ﻣﺜﻠﺚ ﺑﺮﻣﻮﺩﺍ ﻭﻣﺜﻠﺚ ﺍﻟﺘﻨﻴﻦ .. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ ﻟﻬﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺘﻴﻦ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻋﺪﺓ ﻫﻲ:
ــ ﺗﻘﻊ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ ﺑﺮﻣﻮﺩﺍ ﻭﺍﻟﺘﻨﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺑُﻌﺪ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻣﻴﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻮﻃﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺁﻧﺬﺍﻙ.
ــ ﺃﺭﺍﺩ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺮّ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻌﻈﻢ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﺇﺑﺎﻥ ﻏﺰﻭ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺠﺰﺭ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺼﻞ ﺗﻌﺪﺍﺩﻫﺎ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻵﻻﻑ.
ﺍﺳﺘﻐﻞ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻗﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻼﺋﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ: {ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻛﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﻭﻏﻮﺍﺹ} ﺁﻳﺔ 37 ﺳﻮﺭﺓ ﺹ.
ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻭﺿﻊ ﻋﺮﺷﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻭﺃﺳﺲ ﺟﻴﺸﻪ ﻣﻦ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻟﺘﻔﻮﺍ ﺣﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ، ﻳﻨﻔﺬﻭﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺄﻣﺮﻫﻢ ﺑﻪ .. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ((ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﻀﻊ ﻋﺮﺷﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﺛﻢ ﻳﺒﻌﺚ ﺳﺮﺍﻳﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﺄﻗﺮﺑﻬﻢ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺃﻋﻈﻤﻬﻢ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﺘﻨﺔ، ﻳﺠﻲﺀ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﺑﻔﻼﻥ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ، ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺇﺑﻠﻴﺲ: ﻻ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺖ ﺷﻴﺌﺎً، ﻭﻳﺠﻲﺀ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﻓﺮﻗﺖ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻫﻠﻪ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻴﻘﺮﺑﻪ ﻭﻳﺪﻧﻴﻪ ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﻧﻌﻢ ﺃﻧﺖ)) ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ.
ﻭﻭﺿﻊ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻟﻠﺤﻴﺎﺕ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻩ، ﺟﺰﺍﺀ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻓﻲ ﺧﺮﻭﺝ (ﺁﺩﻡ) ﻭ(ﺣﻮﺍﺀ) ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ .. ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﻟﻌﺮﺷﻪ .. ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ: ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻻﺑﻦ ﺻﺎﺋﺪ: ((ﻣﺎ ﺗﺮﻯ))؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﺭﻯ ﻋﺮﺷﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺣﻮﻟﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺕ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ((ﺻﺪﻕ ﺫﺍﻙ ﻋﺮﺵ ﺇﺑﻠﻴﺲ)).
ﻭﺃﺳﺲ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻣﺠﻠﺲ ﻭﺯﺭﺍﺋﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﻘﻮﺩ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻹﻧﺲ .. ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺏ 'ﺁﻛﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﺟﺎﻥ ﻟﻠﺸﻠﺒﻲ' ﺭﻭﻱ ﻋﻦ (ﺯﻳﺪ) ﻋﻦ (ﻣﺠﺎﻫﺪ) ﻗﻮﻟﻪ: ((ﻹﺑﻠﻴﺲ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻦ ﻭﻟﺪﻩ، ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ، ﺛﻢ ﺳﻤﺎﻫﻢ ﻓﺬﻛﺮ: ﺛﺒﺮ، ﺍﻷﻋﻮﺭ، ﺳﻮﻁ، ﺩﺍﺳﻢ، ﺯﻟﻨﺒﻮﺭ .. ﺃﻣﺎ ﺛﺒﺮ ﻓﻬﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﺜﺒﻮﺭ ﻭﺷﻖ ﺍﻟﺠﻴﻮﺏ ﻭﻟﻄﻢ ﺍﻟﺨﺪﻭﺩ ﻭﺩﻋﻮﻯ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ .. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﻋﻮﺭ ﻓﻬﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﻭﻳﺰﻳﻨﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﺳﻮﻁ ﻓﻬﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻊ ﻓﻴﻠﻘﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻴُﺨﺒﺮﻩ ﺑﺎﻟﺨﺒﺮ ﻓﻴﺬﻫﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻟﻬﻢ: ﻗﺪ ﺭﺃﻳﺖُ ﺭﺟﻼً ﺃﻋﺮﻑ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﻣﺎ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﺳﻤﻪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺑﻜﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ .. ﺃﻣﺎ ﺩﺍﺳﻢ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻳُﺮﻳﻪ ﺍﻟﻌﻴﺐ ﻓﻴﻬﻢ ﻭﻳُﻐﻀﺒﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ .. ﺃﻣﺎ ﺯﻟﻨﺒﻮﺭ ﻓﻬﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻛﺰ ﺭﺍﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﻕ.
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ (ﺇﺑﻠﻴﺲ) ﻭﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻓﺤﺴﺐ ﻣﻦ ﺗﺴﻨﻰ ﻟﻬﻢ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﻗﻮﻳﺔ، ﺑﻞ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻹﻧﺲ ﺑﻨﻮﺍ ﺣﻀﺎﺭﺍﺕ ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﺣﺘﻰ ﻏﺪﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺒﻨﻲ ﺍﻹﻧﺲ ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﻨﻌﺰﻟﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺴﻤﻴﻴﻦ ﺑﺮﻣﻮﺩﺍ ﻭﺍﻟﺘﻨﻴﻦ ﻏﺎﺋﺒﺘﻴﻦ ﻋﻦ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻹﻧﺲ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻤﺘﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺧﺘﺮﻋﻬﺎ ﺍﻹﻧﺲ ﻣﻦ ﻃﺎﺋﺮﺍﺕ ﺣﻠﻘﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﺳﻔﻦ ﻃﺎﻓﺖ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ، ﻭﻏﻮﺍﺻﺎﺕ ﺑﻠﻐﺖ ﻛﻞ ﻗﺎﻉ، ﺟﻌﻠﺖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺗﺤﺖ ﻣﺮﻣﻰ ﺍﻷﺑﺼﺎﺭ
ﻭﻇﻠﺖ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﺁﻣﻨﺔ ﻟﻌﺼﻮﺭ ﻋﺪﺓ .. ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺃﻥ ﻋﺮﻑ ﺍﻹﻧﺲ ﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﻣﺮﻭﺭﻫﻤﺎ ﺑﻜﻠﺘﺎ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺘﻴﻦ، ﺇﻻ ﻭﺃﺩﺭﻙ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺪﺩﻫﻢ .. ﻓﺎﺧﺘﻄﻔﻮﺍ ﺃﻋﺪﺍﺩﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻔﻦ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﺭﺏ ﻭﺍﻟﻐﻮﺍﺻﺎﺕ ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺑﻤﺎ ﺭﺃﺕ ﺳﺮﺍً ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ، ﻓﺨﺸﻲ ﺍﻟﺠﻦ ﺍﻓﺘﻀﺎﺡ ﺃﻣﺮﻫﻢ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺧﺴﺎﺭﺓ ﻣﻤﻠﻜﺘﻬﻢ، ﻛﻤﺎ ﺧﺴﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺧﺴﺮﻭﺍ ﻣﻌﺮﻛﺘﻬﻢ ﻣﻊ (ﻣﻬﻼﻳﻴﻞ) ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺩﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺍﻹﻧﺲ .. ﻓﻌﻤﺪﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺧﺘﻄﺎﻑ ﻛﻞ ﻃﺎﺋﺮﺓ ﻭﺳﻔﻴﻨﺔ ﻭﻧﺤﻮﻫﻤﺎ ﻣﺎﺭﺓ .. ﺣﺘﻰ ﺣﻘﻘﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻧﺼﺮﺍً
ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺻﺪﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﺩﻭﻟﻲ ﺑﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻼﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ ﻣﺜﻠﺚ ﺑﺮﻣﻮﺩﺍ ﻭﻣﺜﻠﺚ ﺍﻟﺘﻨﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ